تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الإتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة والتزامات الأردن

2014-08-17

 
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة في كانون اول / ديسمبر من العام 2006 وصادقت الدول عليها وأصبحت نافذة المفعول بتاريخ 3/ 5/ 2008 حيث يبدأ نفاذ الاتفاقية بحسب المادة (45) في اليوم الثلاثين الذي يلي تاريخ إيداع الصك العشرين للتصديق او الانضمام.
تعتبر اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة من اتفاقيات حقوق الانسان إلا انها تختلف من حيث المضمون عن باقي الاتفاقيات، إذ تؤكد في ديباجتها على ان مفهوم الاعاقة ما زال خاضعا للتطور وأن الاعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الاشخاص ذوي الاعاقة والحواجز البينية المادية والسلوكية والمعلوماتية التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة فعالة في مجتمعهم وعلى اساس من المساواة مع الاخرين كما اقرت بالطابع العالمي لجميع حقوق الانسان والحريات الاساسية وعدم قابليتها للتجزئة وترابطها وتعاضدها وضرورة ضمان تمتع الاشخاص ذوي الاعاقة بهذه الحقوق بشكل كامل ودون تمييز تحقيقاً للغرض من هذه الاتفاقية الوارد في المادة (1) منها والمتمثل في تعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الاشخاص ذوي الاعاقة تمتعاً كاملاً وعلى اساس من المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الانسان وتعزيز احترام الكرامة المتأصلة، وبالتالي فقد تبنت هذه الاتفاقية النموذج الاجتماعي القائم على المشاركة، التمكين، والمساواة وعدم التمييز.
كما اوردت الاتفاقية مجموعة من المبادئ العامة الجوهرية في المادة (3) اهمها مبدأ عدم التمييز وهو المبدأ الاساسي الذي بنيت عليه الاتفاقية والذي يغطي كافة الاحكام الواردة فيها ويعتبر ايضاً حجر الاساس لها كما اكدت الاتفاقية على حالات معينة يجب ان يتمتع فيها الاشخاص ذوي الاعاقة بحماية خاصة مثل حالات الخطر والطوارئ الانسانية الواردة في المادة (11). كذلك الحماية من الاستغلال والعنف والاعتداء الوارد في المادة (16) والحق في الخصوصية والتقاضي. وقد افردت الاتفاقية مجموعة من المواد المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية اضافة الى مواد خاصة بالنساء ذوات الاعاقة والأطفال من ذوي الإعاقة.
وبموجب احكام المادة (33) من الاتفاقية والمتعلق بالتنفيذ والرصد على الصعيد الوطني فإن الدول ملزمة بتطبيق احكام الاتفاقية وذلك من خلال تعيين جهة تنسيق واحدة او اكثر داخل الحكومة تعنى بتنفيذ بنود الاتفاقية. أما على صعيد الرصد فانه يتوجب على الدولة تشكيل او تعزيز او تعيين او انشاء اطار عمل لتعزيز هذه الاتفاقية وحمايتهاورصد تنفيذها من خلال منظمات حقوق الانسان بشكل خاص بوصفها صاحبة الخبرات الحقيقية في مجال حقوق الانسان وضرورة مساهمة مؤسسات المجتمع المدني والاشخاص المعوقين والمنظمات الممثلة لهم في عملية الرصد.
وكان الأردن من اوائل الدول التي واكبت الاتفاقية الدولية حيث وقع عليها بتاريخ 30/ 3/ 2007، صادق عليها بتاريخ 31/ 3/ 2008 معلناً بذلك التزامه بتنفيذ بنود هذه الاتفاقية تحقيقاً لهدفها وغايتها والمتمثلة في حماية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وضمان التمتع الكامل بحقوق الانسان والحريات الاساسية وتم نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح جزأ لا يتجزأ من التشريع الوطني ووردت هذه الالتزامات العامة في المادة (4) من الاتفاقية، وهذه المصادقة ترتب مجموعة من الالتزامات على الصعيدين الدولي والوطني.
فعلى الصعيد الدولي:
وبموجب احكام المادة (35) من الاتفاقية فإن الأردن ملزم ان يقدم تقريراً شاملاً حول التزاماته وتعهداته فيما يختص بتنفيذ بنود الاتفاقية الى اللجنة المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وذلك بعد عامين من المصادقة على الاتفاقية، ومن ثم مرة كل (4) سنوات، وكلما طلبت اللجنة ذلك. وقد تم رفع التقرير الحكومي الأول عن «حالة حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة في المملكة للفترة من 2007-2011» الى لجنة الرصد الدولية المعنية بمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية الدولية.
أما على الصعيد الوطني:
وبأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين تم وضع استراتيجية وطنية للأشخاص ذوي الاعاقة (2007-2015) وبمشاركة فاعلة من الاشخاص ذوي الاعاقة وكافة الجهات المعنية. كذلك صدور قانون حقوق الاشخاص المعوقين رقم (31) لسنة 2007، وتأسيس المجلس الاعلى لشؤون الاشخاص المعوقين بموجب احكام المادة (6) من قانون حقوق الاشخاص المعوقين كمؤسسة وطنية لدعم الاشخاص ذوي الاعاقة والدفاع عن مصالحهم ورسم السياسات والتخطيط والتنسيق مع كافة الجهات، التوعية والتثقيف بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، وازالة العوائق والحواجز المادية لتحقيق المشاركة الكاملة في المجتمع، واجراء الدراسات والابحاث المتعلقة بالاعاقة كتوفير قاعدة بيانات اضافة الى التوعية والتدريب على حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة من خلال تدريب العاملين والاخصائيين في مجال الاعاقة.
وهناك تجارب عديدة للدول المتقدمة في مجال الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاقية الدولية وخير مثال على ذلك مملكة السويد كنموذج يحتذى به في هذا المجال، فهناك جملة من القوانين المبنية على المنهجية الحقوقية التي تتولى فيها الدولة مسؤولياتها من خلال تمكين وتأهيل وتطوير امكانيات الاشخاص ذوي الاعاقة والتعليم وامكانية الوصول الىكافة المرافق، ولقد صنف القانون السويدي الاعاقات وحددها، وتناول الدوائر المختصة التي تنفذ هذه الاحكام القانونية، اضافة الى تبني السويد استراتيجية لتنفيذ السياسات المتعلقة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة للفترة من 2011-2016 تضمنت مجموعة من المحاور ذات الاهمية المبنية على أهداف محددة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الحق في التعليم، العمل، نظام العدالة، النقل وغيرها من المحاور.
الخلاصة: وبالرغم من الانجازات التي تحققت على المستوى الوطني إلا أننا مازلنا نواجه بعض التحديات في مجال تطبيق الاتفاقية الدولية منها:
1- الجانب التشريعي: تطوير وتفعيل التشريعات الوطنية بما يتوائم مع المعايير الدولية.
2- الجانب التوعوي: التوعية والتثقيف بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
- دور الاعلام في تغيير الصورة والنظرة السلبية تجاه الاشخاص ذوي الاعاقة.
3- الجانب المالي والسياسات: وضع الاعاقة على سلم الأولويات الوطنية لدى كافة الجهات المعنية وتوفير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ بنود الاتفاقية.
4- الجانب الفني: بناء قدرات العاملين في مجال الاعاقة من كافة القطاعات.
- تمكين الاشخاص ذوي الاعاقة ومنظماتهم في كافة المجالات.
5- الجانب البيئي: من خلال ازالة الحواجز والعوائق البيئية المادية والمعلوماتية والسلوكية لتوفير بيئة ميسرة للاشخاص ذوي الاعاقة.
*رئيس المجلس الأعلى لشؤون الاشخاص المعوقين
 
http://www.alrai.com/article/664253.html